لا تلوموهم لأنهم أحبوه




اكتب هذه المرة عن موقف رأيته اثناء سفري في احدي المرات الي القاهرة , حدث الموقف في اتوبيس النقل " السوبر جيت " حوار بدا بين اثنين جالسين بجواري بعد صمت دام اكثر من نصف ساعة حين فتح احدهما الصحيفة ليقرأ الاخبار فإذا به يلعن ويشتم الاوضاع وما وصلت اليه البلد علي يد النظام السابق وان هذا النظام وقاداته لا يجب محاكمتهم بل يجب القصاص منهم بلا محاكمة لما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب , وهنا يستفز من كان بجواره من حديثه ويبدا في التحاور معه وقد كان رجلا كبيرا في السن والاول شاب في منصف الثلاثينات كما عرفنا بعدها حيث بدا الرجل كبير السن في سؤاله عن عمره فاجابه بأنه في منتصف الثلاثينات ومن هنا كانت بدايه حديث الرجل له .

هل عمرك هذا يسمح لك بالحكم علي حقبه زمنية عمرها من عمرك ؟ هل كان لديك وانت ابن الخمس سنوات او الست سنوات ادراك واعي وقدرة علي التحليل لكي تحكم علي احداث ذلك الوقت ؟؟؟  ام انه الاجمال بلا انصاف ؟؟؟ ....

بهذه الاسئلة بدأ الرجل الكبير حديثه مع الشاب وانا استمع لاعرف الي اين سيسير الحوار بينهما ولكن لم يجيب الشاب مباشرة عن الاسئلة بل جاوب بسؤال هو ايضا وكانها كما اعتبرت محاوله لاخذ فتره للتفكير في اجابه اذا كرر السؤال مرة اخري فسأل الرجل الكبير " يعني انت راضي عن الحال ده اللي وصلتله البلد ؟؟؟ انتم يا والدي ايامكم ما كانشي حد مش لاقي ياكل كان الكل عايش ومستور انما دلوقتي شوف كام واحد مش لاقي العيش الحاف ؟؟؟



وظل الحوار بينهما طويلا كل منهما يتجاذب اطراف الحديث وانا استمع وقد انضم اليهما في الحديث من يؤيد رأي الشاب ومن يؤيد راي الرجل الكبير وتحول الاتوبيس وكانه ساحه لمعركة سياسية بين رأيين مختلفين ولكن الابرز في هذه المعركة هو احترام كل من الرأيين لاخر فلم يتطاول احد علي الاخر فالشاب احترم رأي وسن الرجل والرجل احترم رأي الشاب واعتبره ابنه 

استمر الحوار ما يزيد عن الساعة حتي اقترب مكان نزول الرجل الكبير فقال جمله علقت في اذني حتى الان قال للشاب " لا تلومونا  ولا تلوموهم لانهم أحبوه إحنا عشنا سنين طويلة وحاربنا واتهزمنا وانتصرنا وشوفنا يعني ايه اخوك يموت جنبك وشوفنا يعني ايه بلد  قايمه من تلت حروب متتالية ..... فلا تلوموهم لانهم احبوه فكلنا بشر له حسنات وله سيئات كلنا يخطئ ويصيب ويكفينا ان لنا ربا لا يغفل ولا ينام وهو العادل والقادر .... احترم رايك واحملك امانه انت وازمايلك حافظوا علي البلد دي يا ابني اللي دفعنا تمنها من دمنا  خلوها في عنيكم وصونوها ... سلام عليكم

بهذه الكلمات انهي الرجل الكبير حواره مع الشاب لينزل في محطته وقد لمحت في عينيه دموع ترفض النزول , ظلت هذه الكلمات في عقلي كثيرا والحوار كله يعاد امامي وانا أقول فعلا لكل منا رأيه ويجب علينا جميعا احترام اراء بعضنا البعض  وان نعلي اسم مصر ونجعلها هي اولا وأخيرا ... فحب جزء من الناس للرئيس السابق لا ينفي عنهم وطنيتهم وحبهم لمصر .... وكره الاخرين له لا ينفي عنهم حبهم لمصر ووطنيتهم .... فكلنا اصحاب هذه الارض وكلنا ابناء وطن واحد مهما اختلفت توجهاتنا في وقت الخطر يجب ان نكون يدا واحده فالوطن هو الابقي دائما .

Leave a Reply